إلا إذا كان دون الأول في الدلالة؛ لاستحالة تأكيد الأضعف للأقوى، وإن جهل التاريخ، وهما مستويان في الدلالة، فأحدهما بيان، والآخر تأكيد، وإن كان أحدهما أرجح؛ فالأشبه أن المرجوح هو المتقدم؛ لأنا لو فرضناه متأخرًا، امتنع أن يكون مؤكدًا، فيكون ملغي، ومنصب الشرع بعيد عن رصدان ما هو ملغي.
قلت: وهو غير متجه؛ لأن الأضعف يؤكد ويقوي، ويزيد في رتبة الظن الحاصلة قبله، كما لو شهد أربعة، ثم شهد خامس، فإن الظن يتأكد بالضرورة، وإن اختلف القول والفعل.
قال سيف الدين: قال أبو الحسين: المتقدم منهما البيان، وإن كان الفعل؛ فيكون الطواف الثاني في سعيه - عليه السلام - واجبًا إن تقدم فعله - عليه السلام - وإن تقدم القول، فالطواف الثاني غير واجب.
قال: والحق: إن تقدم القول، كان الطواف الثاني مندوبًا؛ لأنه لو كان واجبًا، لنسخ الفعل القول، والجمع أولى.
وتقدم الفعل، وإن دل على وجوبه، لكن القول المتأخر يدل على عدم وجوبه، وأن يحمل على أنه واجب عليه وحده، والأول سنة، فإن جهل التاريخ، فالأول فرض تقدم القول؛ حتى يكون الطواف الثاني مندوبًا، ولو فرضنا تقدم الفعل؛ لزم إلغاء القول، أو النسخ والإلغاء.