قال الرازي: هذا الباب يشتمل على شيئين: أحدهما: هل البيان كالمبين في القوة؟ والآخر: هل هو كالمبين في الحكم؟
أما الأول: فقال الكرخي: المبين إذا كان لفظًا معلومًا وجب كون بيانه مثله، وإلا لم يقبل.
والحق أنه يجوز أن يكون البيان والمبين معلومين وأن يكونا مظنونين، وأن يكون المبين معلومًا، وبيانه مظنونًا؛ كما جاز تخصيص القرآن بخبر الواحد والقياس.
وأما الآخر: فهو: أنه هل إذا كان المبين واجبًا، كان بيانه واجبًا كذلك؟ قال به قوم:
فإن أرادوا به أن المبين، إذا كان واجبًا، فبيانه بيان لصفة شيء واجب، فصحيح.
وإن أرادوا به أنه يدل على الوجوب، كما يدل المبين، فغير صحيح؛ لأن البيان إنما يتضمن صفة المبين، وليس يتضمن لفظًا يفيد الوجوب؛ ألا ترى أن صورة الصلاة ندبًا وواجبًا، صورة واحدة؟
وإن أرادوا: أنه إذا كان المبين واجبًا كان بيانه واجبًا على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإذا لم يكن الفعل المبين واجبًا، لم يكن بيانه واجبًا على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فباطل؛ لأن بيان المجمل واجب، سواء تضمن فعلاً واجبًا، أو لم يتضمن، وإلا كان تكليفًا بما لا يطاق، والله أعلم.