للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أبو الحسين: فإنه منع من تأخير البيان فيما له ظاهر قد استعمل في خلافه، وزعم أن البيان الإجمالي كاف فيه، وهو أن يقول عند الخطاب اعلموا أن هذا العموم مخصوص، وأن هذا الحكم سينسخ بعد ذلك.

وأما البيان التفصيلي: فإنه يجوز تأخيره.

وأما الذي لا يكون له ظاهر؛ مثل الألفاظ المتواطئة، والمشتركة فقد جوز فيه تأخير البيان إلى وقت الحاجة.

وهذا التفصيل ذكره كثير من فقهاء أصحابنا؛ كأبي بكر القفال، وأبي إسحاق المروزي، وأبي بكر الدقاق.

واعلم أن الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين:

أحدهما: أن يستدل في الجملة على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب.

وثانيهما: أن يستدل على جواز ذلك في كل واحدة من الصور المذكورة.

أما المقام الأول: فالدليل عليه قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه} [القيامة: ١٧ - ١٨ - ١٩] و (ثم) في اللغة للتراخي، وهو المطلوب.

فإن قيل: لا نسلم أن كلمة (ثم) للتراخي فقط بل قد تجيء بمعنى (الواو) كقوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب} [الأنعام: ١٥٤] {ثم كان من الذين آمنوا} [البلد: ١٧] {ثم الله شهيد} [يونس: ٤٦] سلمنا ذلك، لكن لا نسلم أن المراد بالبيان في هذه الآية البيان الذي اختلفنا فيه، وهو بيان المجمل والعموم؛ فلم لا يجوز أن يكون المراد به إظهاره بالتنزيل؟ غاية ما في

<<  <  ج: ص:  >  >>