للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: إذا بين في غد صفة العبادة، ثم قال: (افعلوها الآن) علمنا أنه يجب فعلها في ذلك الوقت.

قلت: لا يصح لكم ذلك؛ لأنه يجوز أن يكون عنى بقوله: الآن وقتًا متراخيًا على طريق المجاز، ولا يبينه لنا في الحال؛ كما جاز مثله في سائر الألفاظ.

والجواب عن الأول من حيث المعارضة، ومن حيث الجواب:

أما المعارضة فمن أربعة أوجه:

أحدها: أن العموم خطاب لنا في الحال، مع أنه لا يجوز اعتقاد استغراقه عند سماعه، بل لابد من أن نفتش الأدلة السمعية والعقلية، فننظر، هل فيها ما يخصه، أم لا؟ فإن لم يوجد فيها ما يخصه، قضىَ بعمومه، وفي زمان التوقف: الخطاب بالعموم قائم مقامه، مع أنه لا يجوز اعتقاده ظاهره، فانتقض قولكم.

أجاب أبو الحسين - رحمه الله - عنه: بأن من لم يجوز أن يسمع المكلف العام دون الخاص، لا يلزمه هذا السؤال، ومن جوز ذلك، فله أن يجيب عن السؤال بأن ما يعلمه المكلف من كثرة الأدلة والسنن، يجوز معه أن يكون فيها ما يدل على أن المراد بالخطاب غير ظاهره، فيصير ذلك كالإشعار بالتخصيص.

والجواب: أما أنه لا يجوز أن يسمع المكلف العام دون الخاص، فهذا المذهب باطل عندك، وتخريج النقض بالمذهب الباطل باطل.

وأما قوله: (علمه بكثرة السنن، كالإشعار بالتخصيص):

قلنا: فإذا جوزت أن يكون تجويزه لقيام المخصص في الحال مانعًا له من اعتقاد الاستغراق في الحال؛ فلم لا يجوز أن يكون تجويزه لحدوث المخصص في ثاني الحال مانعًا له من اعتقاد الاستغراق في الحال؟ فهذا أول المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>