للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أجمعنا على أن يجوز تأخير بيان المخصص بزمان قصير، وأن تعطف جملة من الكلام على جملة أخرى، ثم تبين الجملة الأولى عقيب الثانية، وأن يبين المخصص بالكلام الطويل، وهذه الصور الثلاثة نقض على ما ذكره.

فإن قلت: إنا لا نجوز تأخير البيان إلا مقدار ما لا ينقطع عن السامع توقع شرط يرد على الكلام، وإنما نجوز البيان بالطويل من القول، أو الفعل، إذا لم يتم البيان إلا بهما، وإذا لم يتم إلا كذلك، لم يكن فيه تأخير البيان.

قلت: إن ظاهر لفظ العموم يفيد الاستغراق، فحالما سمع ذلك اللفظ، يتوجه عليه التقسيم الذي ذكره أبو الحسين؛ من أنه إما أن يكون غرض المخاطب به الإفهام، أو لا يكون غرضه الإفهام، والثاني باطل، فتعين الأول.

فإما أن يكون غرضه إفهام ما أشعر به الظاهر، فيكون مريدًا للجهل، أو غيره، فيكون طالبًا ما لا سبيل إليه.

فإن قلت: (تجويز السامع أن يأتي المتكلم بعد ذلك الكلام بشرط، أو استثناء، يمنعه من حمل هذا اللفظ على ظاهره).

قلت: فلم لا يجوز أن يقال في مسألتنا: تجويز السامع أن يأتي المتكلم حال إلزام التكليف بدليل مخصص يمنعه من حمل اللفظ على ظاهره؟ وهذا أول المسألة.

وثالثها: أنا نجوز أن يأمر الله - تعالى - المكلفين بالأفعال، مع أن كل واحد منهم يجوز أن يموت قبل وقت الفعل، فلا يكون مرادًا بالخطاب، وفي ذلك شككنا فيمن أريد بالخطاب، وهذا تخصيص، لم يتقدم بيانه ألبتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>