سلمناه؛ لكنه بالإجماع أيضًا حقيقة في القول، فليس حمله على ذلك بأولى من حمله على هذا.
سلمناه؛ لكن هاهنا ما يمنع من حمله على الفعل، وهو من وجهتين:
الأول: أن تقدم ذكر الدعاء وذكر المخالفة، يمنع منه؛ فإن الإنسان، إذ قال لعبده:(لا تجعل دعائي كدعاء غيري، واحذر مخالفة أمري) فهم منه أنه أراد بالأمر القول.
الثاني: وهو أنه قد أريد به القول بالإجماع، فلا يجوز حمله على الفعل؛ لأن اللفظ المشترك لا يجوز حمله على معنييه.
سلمناه؛ لكن الهاء راجعة إلى الله تعالى؛ لأنه أقرب المذكورين.
فإن قلت: القصد هو الحث على إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تعالى قال:{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا}[النور: ٦٣] فحث بذلك على الرجوع إلى أقواله وأفعاله، ثم عقب ذلك بقوله:{فليحذر الذين يخالفون عن أمره}[النور: ٦٣] فعلمنا أنه بعث بذلك على التزام ما كان دعاء إليه من الرجوع إلى أمر النبي- عليه الصلاة والسلام.
وأيضًا: فلم يجوز الحكم بصرف الكناية إلى الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم؟
قلت: الجواب عن الأول: أن صرف هذا الضمير إلى الله تعالى مؤكد لهذا الغرض أيضًا؛ لأنه لما حث على الرجوع إلى أقوال الرسول وأفعاله، ثم حذر عن مخالفة أمر الله تعالى، كان ذلك تأكيدًا لما هو المقصود من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.