للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن هذه أخبار آحاد، فلا تفيد العلم، ولهم أن قولوا: هب أنها تفيد الظن، لكن ما حصل ظن كونه دليلًا، ترتب عليه ظن ثبوت الحكم، يكون العمل به دافعًا لضرر مظنون، فيكون واجبًا، وتقرير هذه الطريقة سيجيء، إن شاء الله تعالى، في مسألة القياس.

الثاني: أن أكثر هذه الأخبار واردة في الصلاة والحج، فلعله صلى الله عليه وسلم كان قد بين لهم أن شرعه وشرعهم سواء في هذه الأمور، قال صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وعليه خرج مسالة التقاء الختانين، وقال: (خذوا عني مناسككم) وعليه خرج تقبيل عمر للحجر الأسود، وقال: (هذا وضوئي، ووضوء الأنبياء من قبلي).

وأما الوصال: فإنهم ظنوا لما أمرهم بالصوم، واشتغل معهم به أنه قصد بفعله بيان الواجب، ففعلوا، فرد عليهم ظنهم، وأنكر عليهم الموافقة.

وأما خلع النعال: فلا نعلم أنهم فعلوا ذلك واجبًا.

وأيضًا لا يمتنع أن يكونوا، لما رأوه قد خلع نعله مع تقدم قوله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: ٣١] ظنوا أن خلعها مأمور به غير مباح؛ لأنه لو كان مباحًا، لما ترك به المسنون في الصلاة!! على أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: (لم خلعتم نعالكم)؟ فقالوا: لأنك خلعت نعلك؛ فقال: (إن جبريل أخبرني أن فيها أذى)، فبين بهذا أنه ينبغي أن يعرفوا الوجه الذي أوقع عليه فعله، ثم يتبعونه.

وأما خلع الخاتم فهو مباح، فلما خلع، أحبوا موافقته، لا لاعتقادهم وجوب ذلك عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>