قوله:(يجوز في الفعل أن يكون مباحًا ومندوبًا وراجيًا، ومع التجويز يمتنع الجزم):
قلنا: يمتنع الجزم عقلًا؛ لأن هذا التجويز عقلي، ونحن لم ندع الجزم عقلًا بل سمعًا، ولا تنافي بين عدم الجزم عقلًا، وثبوته سمعًا.
قوله:(وثالثها: قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}[الأحزاب: ٢١]):
قلنا: لفظ (أسوة) نكرة في سياق الإثبات، فلا تعم، بل يقتضي وجوب التأسي به في صورة واحدة، ونحن نقول: يجب إتباعه- عليه السلام- في العقائد، فالدعوى عامة، والدليل خاص، فلا تسمع؛ كمن قال: كل لحم حرام؛ لأن لحم الخنزير حرام، وقد تقدم بسطه.
فكذلك قوله تعالى:{فاتبعوه} فعلى في سياق الإثبات لا يعم، يحمل على الوحدانية وغيرها، وكذلك قوله تعالى:{فاتبعوني يحببكم الله}[آل عمران: ٣١].
قوله:(المحبة واجبة بالإجماع):
تقريره: أن الله تعالى قال: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}[آل عمران: ٣١] فمراد بالمحبة الأولى لا الثانية؛ فإن الثانية في محبة الله- تعالى- لنا، فلا تجب علينا؛ لأنها ليست من فعلنا، والأولى من فعلنا؛ فتجب علينا.
ومحبة الرسول- عليه السلام- واجبة بالإجماع علينا من حيث الجملة، أما التفصيل فالمحبة: إن أريد بها ميل القلب، فهو له مراتب مختلفة، فأصل الميل لابد منه بالإجماع، وأما الوصول إلى رتبة علية منه، فليس واجبًا بالإجماع، بل مندوب إليه.