وقوله:(الاحتياط يقتضي حمل الشيء على أهم مراتبه، وأهم المحامل الوجوب):
قلنا: الاحتياط يقتضي الأولوية، والورع، والاحتراز، فلم قلتم: إن ذلك ينهض للوجوب.
قلت: وهذا السؤال قد تقدم قبل هذا، وبعض الفقهاء يورده بناءً على عدم المعرفة بقاعدة، وهي أن الرجحان والاحتياط تارة يكون في أفعال المكلفين، وتارة يكون في أدلة المجتهدين، ففي القسم الأول يقتضي الرجحان الندب، وفي الثانية يقتضي الوجوب؛ لإجماع الأمة على أن المجتهد يجب عليه الفتيا بالراجح والعلم به، بل لا يكاد يوجد في الشريعة وجوب إلا مترتبًا على رجحان في مظان الاجتهاد وفرق بين الرجحان في الفعل والرجحان في الدليل، فتأمل ذلك؛ فإنه يوجب ألا يتوجه هذا السؤال هاهنا؛ لأنه رجحان في الدليل.
قوله:(الأمر حقيقة في القول بالإجماع):
قلنا: لا نسلم؛ فقد تقدم أن فيه ثلاثة أقوال: في النفساني فقط، في اللساني فقط، مشترك بينهما.
قوله:(لا يكون الترك مخالفة إلا إذا كان الفعل واجبًا):
قلنا: لا نسلم الحصر، بل يكون مندوبًا، ويكون الترك مخالفة، لأن من ترك النوافل، وصلاة الضحى، وصلاة القيام في رمضان يصدق عليه في عرف الاستعمال أنه مخالف للمسلمين، ولرسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
قوله:(إذا بينها ذلك بهذا، لزم الدور).
تقريره: أن المخالفة تتوقف على الوجوب؛ بناء على حصرها في ترك فعل الواجب، فلا تعلم المخالفة حتى يعلم الوجوب في الفعل، ولا نعلم