ما ثبت أن الأمر لا يفيد التكرار، ومثله لا يحتاج إلى النسخ، بل لا يقبل النسخ ألبتة.
الثاني: قالوا: ثبت بالتواتر أن موسى، عليه السلام، قال:" تمسكوا بالسبت أبدا " وقال:" تمسكوا بالسبت، ما دامت السماوات والأرض " والتواتر حجة بالاتفاق.
والواجب على الأول أن نقول: لم لا يجوز أن يكون ذلك الفعل مصلحة في وقت، ومفسدة يف وقت آخر؛ فيأمر به في الوقت الذي علم أنه مصلحة فيه، وينهى عنه في الوقت الذي علم أنه مفسدة فيه، كما لا يمتنع أن يعلم فيما لا يزال: أن إمراض زيد وفقره مصلحة له في وقت، وصحته وغناه مصلحة له في وقت آخر، فيمرضه ويفقره حيث يعلم أن ذلك مصلحة، ويغنيه ويصححه حيث يعلم أن ذلك مصلحه، كما لا يمتنع أن يعلم الإنسان أن الرفق مصلحة ابنه وعبده اليوم، والعنف مصلحته في غد، فيأمر عبده بالرفق في اليوم، وبالعنف به في الغد؟
والجواب عن الثاني أن نقول: اتفق المسلمون على انه تعالى بين شرع موسى، عليه السلام، بلفظ يدل على الدوام، واختلفوا في أنه هل ذكر معه ما يدل على انه سيصير منسوخا؟
فقال ابو الحسين البصري رحمه الله: يجب ذلك في الجملة، وإلا كان تلبيسا، وقال جماهير اصحابنا، وجماهير المعتزلة: لا يجب ذلك.
وقد مر توجيه المذهبين، في مسأله تأخير البيان عن وقت الخطاب.