للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا أنه يجب فعل اللطف؛ لكن يجب فعل اللطف المحصل، أو فعل اللطف المقرب؟.

الأول مسلم، والثاني ممنوع؛ فلم قلتم: إن الإمام لطف محصل؟.

بيانه: أنه لا يمكن القطع بأنه عند وجود الإمام يقدم الإنسان على الطاعة، ويحترز عن المعصية لا محالة؛ بل الذي يمكن ادعاؤه: أن الإنسان عند وجود الإمام يكون أقرب إلى الطاعة، وأبعد عن المعصية؛ فيكون الإمام لطفًا مقربًا.

وإذا كان كذلك؛ فلم قلت بوجوبه على الله تعالى؟ وخرج على هذه المسألة مسألة الضيف؛ فإن المضيف إنما يجب عليه التواضع للضيف، إذا علم أنه لو تواضع له، لأجابه إلى المقصود، أو ظن ذلك؟ فأما إذا علم قطعًا أنه لا يجيب به إليه، فلا نسلم أنه يحسن منه فعل ذلك التواضع، فضلا عن الوجوب.

وعلى هذا: لا يبعد أن يوجد زمان علم الله أن نصب الإمام في ذلك الزمان لا يكون لهم لطفًا محصلا؛ فلم قلت: يجب على الله - عز وجل - نصب الإمام في ذلك الزمان؟.

سلمنا أن اللطف واجب مطلقًا؛ لكن متى؟ إذا أمكن فعله، أو إذا لم يمكن؟ الأول مسلم، والثاني ممنوع.

بيانه: إذا علم الله، عز وجل، أن كل من خلقه في ذلك الزمان، فإنه يكون كافرًا؛ أو فاسقًا، فحينئذ لا يكون خلق المعصوم في ذلك الزمان مقدورًا له، وإذا كان كذلك، فلم قلت: (إنه لا يحسن التكليف في هذه الحالة) وإذا حسن هذا التكليف، جوزنا في كل زمانٍ أن يكون هو ذلك الزمان؛ فلا يمكننا القطع بوجوب الإمام في شيءٍ من الأزمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>