ممكن، فهاهنا توفيق آخر؛ وهو أن يقال: إن بعضهم كان قائلاً بالقياس، حين كان البعض الآخر منكرًا له، ثم لما انقلب المنكر مقرا، انقلب المقر أيضًا منكرًا.
وعلى هذا التقدير: يكون كل واحد منهم مادحًا للقياس، وذامًا له من غير تناقض، مع أنه لا يحصل الإجماع.
سلمنا أن بعض الصحابة قال بالقياس وأن أحدًا منهم ما أظهر الإنكار؛ فلم قلتم: يحصل الإجماع؟.
وبيانه: أن السكوت قد يكون للخوف والتقية.
قوله:(القول بالقياس ليس سببًا لنفع دنيوي؛ فكيف يحصل الخوف من إنكار الحق فيه):
قلنا: لا نسلم عدم الخوف هناك.
قال النظام في هذا المقام: الصحابة ما أجمعوا على القياس، بل القائل به قوم معدودون، وهم: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبىٌّ، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء وأبو موسى، وأناس قليل من أصاغر الصحابة؛ والباقون ما كانوا عاملين به، ولكن لما كان فيهم عمر وعثمان وعلي، وهؤلاء لهم سلطان، ومعهم الرغبة والرهبة، شاع ذلك في الدهماء، وانقادت لهم العوام، فجاز للباقين السكوت على التقية؛ لأنهم قد علموا أنَّ إنكارهم غير مقبول.
قال: والذي يدل عليه: أنه قال في الفتيا عبد الله بن عباس، والعباس أكبر منه،