فإن قلت:(الأمة على قولين: منهم: من أثبت القياس، ومنهم: من نفاه، وكل من أثبته، فقد أثبت النوع الفلاني مثلاً، فلو أثبتنا قياسًا غير هذا النوع، كان خرقًا للإجماع):
قلت: لا نسلم أن كل من أثبت نوعًا من القياس، أثبت نوعًا معينًا منه؛ لأن القياس إما أن يكون مناسبًا، أو لا يكون: وكل واحد من القسمين مختلف فيه:
أما المناسب: فرده قومٌ؛ قالوا: لأن مبناه على تعليل أحكام الله تعالى بالحكم والأغراض؛ وإنه غير جائز.
وأما غير المناسب: فقد رده الأكثرون؛ فثبت أنه ليس هاهنا قياس مقبول بإجماع القائسين.
سلمنا انعقاد إجماع القائسين على نوع واحدٍ؛ ولكن لم لا يجوز أن يكون ذلك هو قياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف، وما إذا نص الله تعالى على العلة؛ فإن هذا القياس عندنا حجة؟!.
سلمنا انعقاد الإجماع على جواز العمل بالقياس في زمان الصحابة؛ فلم [لا] يجوز في زماننا؟.
والفرق: أن الصحابة، لما شاهدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - والوحي، فربما عرفوا بقرائن الأحوال: أنَّ المراد من الحكم الخاص بصورة معينة - رعاية الحكمة العامة؛ فلا جرم جاز منهم التعبد به، وأما غير الصحابة، فإنهم لما لم يشاهدوا الوحي والرسول والقرائن، لم يكن حالهم كحال الصحابة.
فإن قلت:(كل من جوز العمل بالقياس للصحابة، جوزه لغيرهم):
قلت: كيف يقطع بأنه ليس في فرق الأمة، على كثرتها، أحدٌ يقول بهذا