وقوله:"أداء الواجب لا يقتضي شيئ آخر " ممنوع عندهم، لأن الآتي بالواجب محقق لمصلحته، والمحقق للمصالح تجب مكافأته، ولذلك يوجبون على الله تعالى مجازاة المحسنين.
وقوله:" الله تعالى قادر على إيصال كل المنافع بدون هذا الشكر " ممنوع عندهم، فإن من قواعدهم الفاسدة أن الإحسان لغير المحسن محال على الله تعالى؛ لأنه سبقه فيستحيل تعلق القدرة به، فيمنعون أنه تعالى قادر على خلق ما علم عدمه، أو قدره أو أخبر عن عدمه، لأنه ممتنع لغيره، وإن كان ممكنا في ذاته، وكذلك المانع عندهم ممكنة لذاتها، ممتنعة عند عدم سبب استحقاقها من جهة العبد.
وقوله:"الإشتغال بالشكر مضرة عاجلة، فلا يكون دافعا للمضرة العاجلة " باطل قطعا، فإن قطع الأيدي المتآكلة، وسقى الأدوية الكريهة، والبط والحجامة، وغير ذلك مضرات عاجلة، وهي دافعة لمضرات عاجلة، لكنها لما كانت أعظم من الدافعة لها حسن فعل الدافعة الدنيا لدفع المدفعوعة العليا.
وقوله: القط بالمضرة الآجلة أنها تكون عند من يسره الشكر، ويسوؤه الكفران هم يمنعون هذا الحصر، ويقولون لوجوب الشكر سببان:
أحدهما: ما ذكره من المسرة والمساءة.
والثاني: كون المشكور ملكا حكيما مبالغا في الحكمة يرى في حكمته ألا يتصف عباده بترك الأدب والشكر، وإن كان ذلك الملك لا يلتذ بذلك، بل يفعله؛ لأنها صفة كمال، حتى أن الحكماء يفعلون ما يؤلم طباعهم،