للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخطر ببالنا صفة أخرى فيها مناسبة لدفع المال إليه، غلب على ظننا أنه إنما دفع المال إليه؛ لفقره، نعم لا ننكر أنه يجوز أن يكون له غرض سوى ما ذكرناه؛ لكته تجويز مرجوح، لا يقدح في ذلك الظن الغالب.

أما إذا ظهر وجهان من المناسبة؛ مثل أن كان ذلك الفقير فقيهًا، فها هنا إن تساوى الوجهان في القوة، لا يبقى ظن أنه أعطاه لهذا الوصف، أو لذلك، أولهما جميعًا؛ فثبت أن العلم بكون الفاعل حكيمًا، مع العلم بحصول جهة معينة في الحكم، ومع الغفلة عن سائر الجهات يقتضى ظن أن ذلك الفاعل إنما فعل لتلك الحكمة.

بيان المقام الثاني: أن في الشاهد: دار ذلك الظن مع حصول ذنيك العلمين وجودًا وعدمًا، والدوران دليل العلية ظاهرًا؛ فيحصل ظن أن العلم بكون الفاعل حكيمًا، مع العلم باشتمال هذا الفعل على جهة مصلحة، ومع الغفلة عن سائر الجهات- علة لحصول الظن بأن ذلك الحكيم، إنما أتى بذلك الفعل لتلك الحكمة، والعلة أينما حصلت، حصل الحكم، فإذا حصل ذلك العلمان في أفعال الله تعالى وأحكامه، وجب أن يحصل ظن أنه تعالى، إنما شرع ذلك الحكم لتلك المصلحة؛ فثبت بهذا أن المناسبة تفيد ظن العلية.

الوجه الثاني: في بيان أن المناسبة تفيد ظن العلية: أن نسلم أن أفعال الله وأحكامه يمتنع أن تكون معللة بالدواعي والأغراض، ومع هذا فندعي أن المناسبة تفيد ظن العلية.

وبيانه: أن مذهب المسلمين: أن دوران الأفلاك، وطلوع الكواكب وغروبها، وبقاءها على أشكالها وأنوارها غير واجب؛ ولكن الله تعالى، لما أجرى عادته

<<  <  ج: ص:  >  >>