للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: حصول الترجيح، ولا حصوله مع ذلك القدر من الأولوية، إن كان ممكنين، فلنفرض وقوعهما، فنسبة ذلك القدر من الأولوية إلى الترجيح، واللاترجيح- على السواء، فاختصاص أحد زماني حصول تلك الأولوية بالوقوع دون الزمان الثاني، يكون ترجيحًا للمكن المساوي من غير مرجح؛ وهو محال؛ لأنا نتكلم الآن؛ تفريعًا على هذه المقدمة؛ فثبت أن القول بافتقار التخصيص إلى المخصص يمنع من تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه بالمصالح.

وأما أن القول بأن التخصيص لا يفتقر إلى المخصص يمنع من القول بتعليل أفعال الله تعالى وأحكامه بالمصالح- فذلك ظاهر.

فثبت أن تعليل أحكام الله تعالى بالمصالح باطل.

وهذا الكلام كما أنه اعتراض على ما قالوه، فهو دلالة قاطعة ابتداء في المسألة؛ وبه يظهر فساد سائر الوجوه التي عولوا عليها؛ لأنها أدلة ظنية، وما ذكرناه برهان قاطع.

ثم نقول: إن دل على ما ذكرتموه على أن تعليل أفعال الله تعالى بالمصالح واقع، فمعنا أدلة قاطعة مانعة منه؛ وهي من وجوه:

الأول: أنه خالق أفعال العباد، وذلك يمنع من القول بأنه تعالى يراعي المصالح؛ إنما قلنا: إنه تعالى خالق أفعال العباد لوجوه:

أحدها: أن العبد لو كان موجدًا لأفعاله، لكان عالمًا بتفاصيل أفعاله، واللازم باطل؛ فالملزوم مثله.

بيان الملازمة: أن فعل العبد واقع على كيفية مخصوصة وكمية مخصوصة،

<<  <  ج: ص:  >  >>