للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن المانع علة لنفي الحكم، لا لانتفائه، والنفي عبارة عن منعه من الدخول في الوجود، بعد كونه بعرضية الدخول.

أجاب المانعون عن الأول: بأنه إذا كان المراد من العلة المعرف، لم يلزم من تعليل ذلك الانتفاء بعدم المقتضي تعذر تعليله أيضا بالمانع؛ لجواز أن يدل على المدلول الواحد دليلان: أحدهما وجودي، والآخر عدمي.

وعن الثاني: أن تأثير المانع ليس في إعدام شيء؛ لأن ذلك يستدعي سابقة الوجود؛ وهاهنا: الحكم لم يوجد ألبتة، فيمتنع إعدامه، فعلم أن المستند إلى المانع ليس إلا ذلك العدم السابق.

احتج من جوز تخصيص العلة بوجوه:

أحدها: أن دلالة العلة على ثبوت الحكم في محالها؛ كدلالة العام على جميع الأفراد، وكما أن تخصيص العام لا يوجب خروج العام عن كونه حجة، فكذا تخصيص العلة لا يقدح في كونها علة.

وثانيها: أن اقتضاء الوصف لذلك الحكم في هذا المحل، إما أن يتوقف على اقتضاء الحكم في ذلك المحل الآخر، أو لا يتوقف، والأول محال؛ لأنه ليس توقف أحدهما على الآخر أولى من العكس؛ فيلزم افتقار كل واحد منهما إلى الآخر؛ فيلزم الدور، وإن لم يفتقر واحد منهما إلى الآخر؛ فحينئذ: لا يلزم من انتفاء أحدهما انتفاء الآخر، فلا يلزم من انتفاء كون الوصف مقتضيا لذلك الحكم في هذا المحل- انتفاء كونه مقتضيا لذلك الحكم في المحل الآخر.

وثالثها: العقلاء أجمعوا على جواز ترك العمل بمقتضى الدليل في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>