الصور؛ لقيام دليل أقوى من الأول فيه، مع أنه يجوز التمسك بالأول عند عدم المعارض؛ فإن الإنسان يلبس الثوب لدفع الحر والبرد، وإذا اتفق لبعض الناس أن قال له ظالم:(إن لبست هذا الثوب، قتلتك) فإنه يترك العمل بمقتضي الدليل الأول في هذه الصورة، وإن كان يعمل بمقتضاه في غيرها من الصور.
وإذا ثبت حسن ذلك في العادة، وجب حسنه في اضرع؛ لقوله- عليه الصلاة والسلام-: (ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن).
ورابعها: أن العلة الشرعية أمارة، فوجودها في بعض الصور دون حكمها لا يخرجها عن كونها أمارة؛ لأنه ليس من شرط كون الشيء أمارة على الحكم: أن يستلزمه دائما، فإن الغيم الرطب في الشتاء أمارة المطر، ثم عدم المطر في بعض الأوقات لا يقدح في كونه أمارة.
وخامسها: أن الوصف المناسب بعد التخصيص يقتضي ظن ثبوت الحكم؛ فوجب العمل به.
بيان الأول: أنا إذا عرفنا من الإنسان كونه مشرفا مكرما مطلوب البقاء، غلب على ظننا حرمة قتله، وإن لم يخطر ببالنا في ذلك الوقت ماهية الجناية؛ فضلا عن عدمها، فعلمنا أن مجرد النظر إلى الإنسانية مع مالها من الشرف- يفيد ظن حرمة القتل، وأن عدم كونه جانيا ليس جزءا من المقتضي لهذا الظن، وإذا كان كذلك، فأينما حصلت الإنسانية، حصل ظن حرمة القتل، وإذا ثبت أنه يفيد ظن الحكم وجب العمل به؛ لأن العمل بالظن واجب.
وسادسها: أن بعض الصحابة قال بتخصيص العلة: روي عن ابن مسعود: