حكم النجاسة كالدهن، فيقول الحنفي: لا نسلم أن الدهن لا يزيل النجاسة، بل يزيلها عندي.
واختلف في أنه انقطاع للمستدل أم لا؟ فإنه إن شرع في الدلالة على حكم الأصل كان انتقالا لمسألة أخرى، وإن لم يشرع لم يتم دليله.
وقيل: بل دلالته على حكم الأصل تتميم لمقصوده لا رجوعا عنه، بل هو يثبت ركن قياسه، وهو حكم الأصل، كما يبحث في تحقيق علة الأصل.
ومنهم من فصل، فقال: إن كان المانع ظاهرا فهو انقطاع، أو خفيا فلا؛ لأنه معذور، وهو اختيار الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني.
ومنهم من قال: يتبع عرف ذلك البلد الذي هو فيه، وهو اختيار الغزالي.
والمختار عدم الانقطاع إذا دل على موضع المنع.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: لا يفتقر إلى دلالة على محل المنع، بل يقول: إنما قست على أصل، وهو غير متجه؛ لأن الخصم يمنع المقيس عليه، كما يمنع المقيس، وإنما يتجه الاستغناء عن الدلالة إذا كان لفظ الأصل يتناول صورا بعضها يتجه فيه المنع، وبعضها لا، كالدهن، يشمل الطاهر وهو يتجه في المنع، والنجس، وهو لا يتجه المنع فيه، فله أن يقول: قست على النجس، وإن كان قياسي يتناولهما، فيكون قياسيا على أصلين إن منع أحدهما بقى الآخر.
وإذا دل على موضع المنع دليل منهم من حكم بانقطاع المعترض؛ لظهور فساد المنع، وحسما لمادة التطويل.
وقيل: ليس انقطاعا؛ لبقاء وجه محاولة وجوه الاعتراضات.
"الاعتراض الخامس"
التقسيم بأن يردد اللفظ بين معنيين: أحدهما ممنوع، والآخر مسلم.