للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول: باطل؛ وإلا لكان كل وصف مشتمل على مصلحة، فكيف كانت- علة لذلك الحكم.

ولا بطل القسم الأول، تعين الثاني: فنقول: إما أن يمكن الإطلاع على المصلحة المخصوصة، أو لا يمكن: فإن امتنع الإطلاع على المصلحة المخصوصة، امتنع الاستدلال بكون الوصف مشتملا عليها؛ على كونه علة؛ لأن العلم باشتمال الوصف عليها موقوف على العلم بها، وحيث لم يمتنع هذا الاستدلال، علمنا أن الاطلاع على خصوصيتها ممكن، وبهذا الحرف ظهر الجواب عن قوله: "المصالح أمور باطنه؛ فلا يمكن الاطلاع عليها".

قلنا: التعليل بالحكمة، وإن كان راجحا على التعليل بالوصف؛ من الوجه الذي ذكرت، فالتعليل بالوصف راجح على التعليل بالحكمة من وجه آخر؛ وهو الاطلاع على الوصف، وعسر الاطلاع على الحكمة، فلما كان كل واحد منهما راجحا على الآخر من وجه، مرجوحا من وجه آخر- حصل الاستواء.

قوله: "لو صح التعليل بالحكمة لوجب طلبها":

قلنا: نحن، وإن اختلفنا في جواز تعليل الحكم، لكنا اتفقنا على أن كون الوصف علة للحكم- معلل بالحكمة، فإن لم يقتض ذلك وجوب طلب الحكمة، فقد بطل قولك؛ وإن اقتضى وجوب طلبها، فقد بطل قولك أيضا.

قوله: "الاستقراء دل على تعليل الأحكام بالأوصاف، لا بالحكمة":

قلنا: لا نسلم؛ بل التعليل بالحكم حاصل في صور كثيرة؛ مثل التوسط في إقامة الحد بين المهلك والزاجر، وكذا الفرق بين العمل اليسير والكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>