قوله:(إما أن يكون المدلول قابلا للنسخ أو لا يكون):
تقريره: أن الخبر الصرف كقوله تعالى: {إنا أرسلنا نوحا}[نوح: ١].
لا يقبل النسخ، وإنما يقبل الخبر النسخ إذا كان متضمنا للحكم الشرعي، كقوله:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}[البقرة: ٢٢٥] ونحو ذلك؛ فإنه نسخ.
وفي الحقيقة النسخ إنما هو في الحكم، وهذا هو الصحيح في نسخ الخبر، وفيه مذاهب تقدمت في النسخ.
قوله:(لا يمكن الترجيح في المتقارنين بأن أحدهما حاظر، أو مثبت حكما شرعيا؛ لأنه يؤدي إلى طرح المعلوم بالكلية):
قلنا: قد قلتم: إنه يتخير بينهما، والتخيير يفضي إلى ترك أحدهما بمجرد التشهي، فترك أحدهما بموجب معتبر أولى.
فإن الترجيح بالحظر ونحوه مرجح معتبر، غير أن له أن يقول: الترجيح يقتضي إطراح المرجوح دائما، والتخيير يوجب صحة الأخذ بالآخر في كل وقت، فلم يسقط منهما شيء على الإطلاق، فكان أولى، واندفع السؤال.
(تنبيه)
التخيير في هذا القسم، وفي القسم الذي بعده إذا كانا مظنونين ينبغي أن يتخرج على مذهب القاضي والجماعة في التخيير بين الأمارتين إذا تعارضا، ويجري القول الآخر الشاذ بالتساقط كما تقدم هنالك؛ لأن [من] مدرك التساقط حصول التساوي، وعدم العلم والظن، وأنه يكون حكما بالتشهي، وهو متحقق هاهنا.