للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: يجوز بشرط ألا يقر عليه.

لنا: أنا مأمورون باتباعه في الحكم؛ لقوله تعالى:} فلا وربك، لا يؤمنون؛ حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت {فلو جاز عليه الخطأ، لكنا مأمورين بالخطأ، وذلك ينافي كونه خطأ.

واحتج المخالف بقوله تعالى:} عفا الله عنك؛ لم أذنت لهم {فهذا يدل على أنه أخطأ فيما أذن لهم، وقال تعالى في (أساري بدرٍ):} لولا كتاب من الله سبق، لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم {فقال - عليه الصلاة والسلام -: (لو نزل عذاب من الله، لما نجا إلا ابن الخطاب) وهذا يدل على أنه أخطأ في أخذ الفداء، ولأنه تعالى قال:} قل إنما أنا بشر مثلكم {فلما جاز الخطأ على غيره، جاز أيضًا عليه، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنكم تختصمون لدي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من غيره، فمن قضيت له بشيءٍ من حق أخيه، فلا يأخذنه إنما أقطع له قطعة من النار) فلو لم يجز أن يقضي لأحد إلا بحقه، لم يقل هذا، ولأنه يجوز أن يغلط في أفعاله، فيجوز أن يغلط في أقواله؛ كغيره من المجتهدين.

والجواب عن هذه الوجوه مذكور في الكتاب الذي صنفناه في (عصمة الأنبياء) فلا فائدة في الإعادة.

مسألة: اتفقوا على جواز الاجتهاد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما في زمان الرسول - عليه الصلاة والسلام - فالخوض فيه قليل الفائدة؛ لأنه لا ثمرة له في الفقه.

ثم نقول: المجتهد: إما أن يكون بحضرة الرسول - عليه الصلاة والسلام - أو يكون غائبًا عنه: أما إن كان بحضرته، فيجوز تعبده بالاجتهاد عقلاً؛ لأنه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>