والذي يقتضي تعميم الخاص، وهو القياس؛ وحينئذٍ: يجب أن يكون عارفًا بشرائط القياس؛ ليميز ما يجوز عما لا يجوز.
ثم هذه الأدلة السمعية غائبة عنا، فلابد من نقلها، والنقل: إما تواتر أو آحاد، فلابد وأن يكون عارفًا بشرائط كل واحد مننهما، ثم عند الإحاطة بأنواع الأدلة، لابد وأن يكون عارفًا بالجهات المعتبرة في التراجيح.
فإن قال قائل:(فصلوا العلوم التي يحتاج المجتهد إليها):
قلنا: قال الغزالي - رحمه الله-: مدارك الأحكام أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل: فلابد من العلم بهذه الأربعة، ولابد معها من أربعةٍ أخرى: اثنان مقدمان، واثنان مؤخران، فهذه ثمانية لابد من شرحها:
أما كتاب الله تعالى: فلابد من معرفته، وفيه تحقيقان:
أحدهما: أنه لا يشترط معرفة جميعه، بل ما يتعلق منه بالأحكام، وهو خمسمائة آية.
والثاني: أنه لا يشترط حفظها، بل أن يكون عالمًا بمواقعها؛ حتى يطلب منها الآية المحتاج إليها عند الحاجة.
وأما السنة: فلابد من معرفة الأحاديث التي تتعلق بها الأحكام، وهي، مع كثرتها، مضبوطة في الكتب، وفيها التحقيقان المذكوران؛ إذ لا يلزمه معرفة ما يتعلق من الأخبار بالمواعظ، وأحكام الآخرة.
والثاني: أنه لا يلزمه حفظها؛ بل أن يكون عنده أصل مصحح مشتمل على الأحاديث المتعلقة بالأحكام.