وقد قال بعض العلماء: كل قصة مذكورة في كتاب الله - تعالى - فالمراد بذكرها الانزجار عما في تلك القصة من المفاسد التي لابسها أولئك الرهط، والأمر بتلك المصالح التي لابسها المحكي عنه.
وكل قسم في كتاب الله - تعالى - متضمن الأمر بتعظيم المقسم به، وكل نداء بصفة الخير يدل على الأمر بتلك الصفة، أو بصفة الشر يقتضي النهي عن تلك الصفة، نحو:} يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم {،} يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون {، فإذا استوفيت هذه الأقسام بوجوه الاعتبار لم يبق في كتاب الله - تعالى - آية إلا وفيها حكم شرعي.
فلا معنى لتخصيص موارد الأحكام بخمسمائة آية.
وهذا البحث بعينه يطرد في الأحاديث، فيندرج فيها ما ينبغي اندراجه من أخبار المواعظ، وأحكام الآخرة.
قوله:(يعرف مواقع الإجماع، والخلاف):
قلت: من هذا الموضع يحصل الجواب عن سؤال كبير، وهو أن الاجتهاد من فروض الكفايات، وقد فقد الاتصاف به - في هذا العصر - فتكون الأمة - الآن - قد اجتمعت على ترك السعي في تحصيل صفة واجبة التحصيل، فتكون مجمعة على المعصية، والإجماع على المعصية مخل بعصمة الأمة.
وجوابه: أن الوجوب مشروط بالإمكان، فإذا تعذر الشرط سقط الوجوب، وإذا كان العلم بالإجماع والخلاف شرطًا في جواز الاجتهاد، وقد انتشرت المذاهب - في هذا الوقت - بكثرة التفاريع، والتصانيف انتشارًا شديدًا، بحيث يتعذر ضبط المذهب الواحد بتصانيفه وفروعه، فضلاً عن جميع المذاهب.