للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمهم بكونهم مخالفين لهم في مذاهبهم؛ لأن التمكين من ذلك تمكين من ترويج الباطل؛ وإنه غير جائز، لكنه قد وقع ذلك؛ روي أن أباب بكرٍ - رضي الله عنه - ولي زيدًا، مع أنه كان يخالفه في الجد.

وولي علي - رضي الله عنه - شريحًا، مع أنه كان يخالفه في كثيرٍ من الأحكام.

وثانيها: يلزم ألا يمكنه من الفتوى، وقد كانوا يفعلون ذلك.

وثالثها: كان يجب أن ينقضوا أحكام مخالفيهم، وأن ينقض الواحد منهم حكم نفسه الذي رجع عنه؛ لأن كثيرًا منهم قضي بقضايا مختلفةٍ، لكن لم ينقل عن أحد منهم: أنه نقض حكم غيره، ولا حكم نفسه عند رجوعه عنه.

ورابعها: أنهم اختلفوا في الدماء والفروج، والخطأ في ذلك يكون كبيرًا، لأنه لا فرق بين أن يمكن غيره بفتواه بالباطل؛ من القتل، وأخذ المال، وبين أن يقتل ويأخذ المال، ويصرفه إلى غير المستحق، ابتداءً من كونه كبيرًا، ويجب تفسيق فاعله، والبراءة عنه، ولما لم يوجد شيء من هذه اللوازم الأربعة، علمنا أنه لا حكم في الواقعة أصلاً.

فإن قلت: (فلم لا يجوز أن يقال: ذلك الخطأ كان من باب الصغائر؛ فلا جرم لم يجب الامتناع عن التولية، ولا المنع من الفتوى، ولا البراءة، ولا التفسيق؟):

سلمنا أنه كبيرة؛ فلم لا يجوز أن يقال: هذه الأمور إنما تلزم لو حصل في هذه المسائل طريق مقطوع به، أما إذا كثرت وجوه الشبه، وتزاحمت جهات التأويلات والترجيحات - صار ذلك سببًا للعذر، وسقوط اللوم؟.

سلمنا صحة دليلكم؛ لكنه معارض بوجوهٍ:

الأول: ما روي عن الصحابة من التصريح؛ روي عن الصديق الأكبر -

<<  <  ج: ص:  >  >>