معناه: أن المقسم أبدا لا يجعل قسما مع جملة أقسامه، فلا يقول: العدد إما زوج أو فرد أو عدد، والحيوان إما ناطق أو أعجمي أو حيوان، فيأتي بالمقسم مع جملة الأقسام؛ لأن شأن الأقسام أن يكون بينهما تعاند، وتضاد، كما رأيت في الزوج، والفرد، فإذا جعل المقسم أحدها صار بينه وبينها تضاد، مع انه جزؤها، والشيء لا يضاد جزءه، وجنسه، وهو معنى قولهم: القسم لا يكون قسما؛ لأن الفرد قسم من العدد، وقد صار قسما له؛ لأنه جعل أحد الأقسام، وكل قسم منها يسمى قسما لصاحبه.
قوله:} واسأل القرية} [يوسف: ٨٢ [موضوع لسؤال القرية فيه بحث دقيق، وهو أن المضاف المحذوف هل سبب التجوز، أو محل التجوز.
وبيانه: أن الإمام يلاحظ قاعدة، وهي أن العرب شأن لغتها أن يكون المنصوب بالفعل هو المفعول، فيكون هذا اللفظ في هذه المادة موضوعا لسؤال القرية، فتقدير مضاف محذوف، يكون سبب التجوز، وصيرورة اللفظ مجازا وغيره من أرباب علم البيان، يقول: لفظ السؤال وضع ليركب مع من يصلح للإجابة، فإذا ركب مع غيره صار مجازا، فيكون المضاف المحذوف هو محل التجوز، أي: المتجوز عنه لا سبب المجاز، وينبني على الطريقتين أن المضافات المحذوفات كلها التي يثبت أنها لا توجب مجازا نحو:} وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة: ٨٢ [، ونحوه: هل تكون مجازات أم لا؟
فعلى طريقة تكون كلها مجازات؛ لآن الذي باشره العامل عدل عنه إلى غيره.
وعلى الطريق الأخرى لا يوجب مجازا في التركيب، كما تقدم بيانه، فتأمل هذه المواضع؛ فإنها نادرة الوقوع في كتب العلماء وقل من يقف عليها.