للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال: اذهب فأفرغه عليك.

وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها. وأيم الله لقد أُقلع عنها وإنه ليُخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اجمعوا لها». فجمعوا لها- من بين عجوة ودقيقة وسويقة- حتى جمعوا لها طعامًا، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: تعلمين ما رزئنا من مائك شيئًا، ولكن الله هو الذي أسقانا. فأتت أهلها وقد احتبست عنهم. قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابيء، ففعل كذا وكذا، فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه- وقالت بإصبعها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى الماء والأرض- أو إنه لرسول الله حقًا. فكان المسلمون بعد ذلك يُغيرون على من حولها من المشركين ولا يُصيبون الصرم الذي هي منه. فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام (١).


(١) هذه القصة قصة عظيمة ... وفيها فوائد:
١ - تقدير النوم للتشريع فإن الوقائع تثبت ما لا تثبت الأقوال.
٢ - أن النبي ينام ويفوته الوقت وكذا الأخيار.
٣ - الأخذ بالأسباب كالساعات ونحوها.
٤ - فيها طلب الماء والبحث عنه، وعلي وصاحبه لم يقولا الصابيء وإنما قالوا الذي تعنين. وإذا احتاج الناس للماء وعند أحدهم ماء كثير أخذوا دون شيء هذا هو الصواب، وقال بعضهم بحال المثل.
٥ - جمعوا لها بعض الدقيق لأنها خافت وحبسوها.
* لو امتنعت هل تجبر على دفع الماء؟ نعم.
* هل يأخذ الإنسان أجرًا على الماء؟ للمسافر وغيره؟
ما يخالف يبعه على الناس، لكن للضرورة ... كأنه لا.