قومي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: لا والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله. فأنزل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}[النور: ١١] الآيات.
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - - وكان يُنفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه - والله لا أُنفق على مسطح الذي أبدًا بعد أن قال لعائشة فأنزل الله تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور: ٢٢].
فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يُجرى عليه. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال: يا زينب ما علمت؟ ما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله، أحمي سَمعي وبصَري، والله ما علمت عليها إلا خيرًا. قالت: وهي التي كانت تُساميني، فعصمها الله بالورع». قال وحدثنا فُلَيح عن هشام بن عروة عن عائشة وعبد الله بن الزبير مثله. قال وحدثنا فُلَيح عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن بن سعيد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر مثله.
١٦ - باب إذا زكى رجل رجلاً كفاه
٢٦٦٢ - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: أثنى رجل على رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:«ويلك، قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك»(مرارًا). ثم قال:«من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانًا. والله حسيبه. ولا أزكي على الله أحدًا. أحسبه كذا وكذا. إن كان يعلم ذلك منه»(١).
(١) فيه خطر المدح والإسراف فيه، والأولى الاقتصاد منه، فنقول فيه: أحسب فلانًا كذا .. إلا الشيء القليل، كقوله في عمر: «ما رآك الشيطان سالكًا فجًا .. » وما جاء من غير كثرة؛ لأن ذلك يفضي إلى الكبر والعجب، والعلماء اختلفوا في المزكي هل يكفي واحد أم اثنان؟ قيل هذا وهذا، فمن كان مبرزًا في التعديل كفى من واحد.