للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أريته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: ١، ٢]؟ حتى ختم السورة. فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وقال بعضهم، لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئًا. فقال لي: يا ابن عباس أكذاك تقول؟ قلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له إذا جاء نصر الله، والفتح فتح مكة فذاك علامة أجلك، فسبَّح بحمد ربك واستغفره، إنه كان توابًا. قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم» (١).

٤٢٩٥ - «عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد من يوم الفتح، سمعته أُذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به: إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن مكة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس. لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرًا. فإن أحد ترخص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن له فيه ساعة من نهار، وقد عادت حُرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب. فقيل لأبي شُريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شُريح، إن الحرَمَ لا يُعيذ عاصيًا، ولا فارًا بدم، ولا فارًا بخربة» (٢).


(١) السورة تدل على هذا وهذا، على كثرة الذكر عند النصر والفتح، وعلى دنو أجله - صلى الله عليه وسلم -، فكلاهما صحيح.
* وهذا في وقت الحرب بين ابن الزبير ويزيد بن معاوية.
(٢) هذا غلط من عمرو بن سعيد.