وقد فتح الله بجواب قريب من الوجه الأول، وهو أن يقال لما كانت الصلاة عند القبور من الوسائل المفضية إلى الشرك أو الغلو في المقبور كان تحريم الصلاة عندها ونحو ذلك تحريم وسائل، وقد استقرت القاعدة الشرعية أن ما حرم لأنه وسيلة جاز للحاجة والمصلحة الراجحة. قال ابن القيم في الهدي (٣/ ٤٨٨): والشريعة لا تعطل المصلحة الراجحة لأجل المرجوحة ونظير هذا جواز لبس الحرير والخيلاء فيها إذ مصلحة ذلك أرجح من مفسدة لبسه .. إلى أن قال: ونظير هذا نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة قبل طلوع الشمس وبعد العصر سدًا لذريعة التشبه بالكفار، وأباح ما فيه مصلحة راجحة من قضاء الفوائت وقضاء السنن، وصلاة الجنازة وتحية المسجد ولأن مصلحة فعلها أرجح من مفسدة النهي. اهـ. ولا شك أن احتياج عائشة للسكنى بالحجرة ظاهر مستقر واحتياجها للصلاة في البيت أظهر من ذلك مع ترغيب الشارع في صلاة المرأة في بيتها وتفضل ذلك على صلاتها في المسجد، وإذا انضم إلى هذا الوجه ما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها»، أخرجاه من حديث أبي =