للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو كنت رسولًا لم نُقاتلك. فقال لعلي: امحُه. فقال علي: ما أنا بالذي أمحاه، فمحاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام، ولا يدخلوها إلا بجُلبّان السلاح. فسألوه: ما جلبَّان السلاح؟ فقال: القراب بما فيه» (١).

٢٦٩٩ - عن البراء - رضي الله عنه - قال: «اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يَدَعوه يدخل مكة، حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام. فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: لا نُقرُّ بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد الله. قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ثم قال: لعلي أمح «رسول الله» قال: لا والله لا أمحوك أبدًا، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب فكتب (٢): هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحدًا من أصحابه أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليًا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتبعتهم ابنة حمزة- يا عم، يا عم- فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها وقال لفاطمة:


(١) فيه الصلح ولو مع الغضاضة لأحد الطرفين، إن كان لمصلحة فيجوز لولي الأمر هنا إن كان لمصلحة المسلمين، وفيه قاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت أعلاها، وتحققت بذلك مصلحة كبرى؛ ولهذا سماه فتحًا {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، ودخل الناس في الإسلام بكثرة.
(٢) الشيء القليل.