وهذا النيل هو أعجب ما فى مصر، ومجيؤه من خلف خطّ الاستواء بإحدى (٣٧) عشرة درجة إلى نحو الجنوب، وينتهى إلى الاسكندرية (١) فرقة، وإلى دمياط فرقة، عند عرض ثلاث وثلاثين فى الشمال، فمن ابتدائه إلى انتهائه اثنتان وأربعون درجة، كل درجة ستّون ميلا، فيكون طوله من موضع مخرج ابتدائه إلى الموضع الذى ينتهى إليه من الجهتين وينصبّ فى المالح ثمانية آلاف وستّمائة وأربعة عشر ميلا وثلثا ميل على القصد والاستواء، وله تعريجات شرفا وغربا فيطول ويزيد على ما ذكرنا.
قلت: هذا كلام القاضى ابن لهيعة فى أمر النيل، وهذا فصل لم أكن قد ذكرته فى ذلك الجزء، بل أخّرته حتى ذكرته هاهنا، لأكون قد جمعت جميع ما وقفت عليه، وأثبتّ كلّ كلام فى موضعه اللائق به.
[وقال صاحب كتاب ترصيع الأخبار، وهو أحمد بن محمّد بن أنس العذرى: إنّ مخرج نيل مصر من خلف جبل القمر، وينصبّ فى بحيرتين خلف خطّ الاستواء، ويطيف بأرض النوبة، ثمّ يتشعّب دون الفسطاط فتصير شعبة إلى الإسكندرية وشعبة إلى دمياط، عدد أمياله من مخرجه إلى مصبّه خمسة آلاف ميل وتسعمائة وثلاثون ميلا، والأوّل أقرب إلى الصحيح، والله أعلم](٢).
وأمّا هذا المقياس الآن فهو بناء المتوكّل على الله جعفر بن المعتصم بن الرّشيد،