المغصوب؛ وكان يتشبّه بسيرة العمرين حتّى قيل إنه في العباسيين كعمر بن عبد العزيز في الأمويين.
من حسن سيرته أنه وقف له رجل فقال: يا أمير المؤمنين! علينا خراج من أرض السواد وقد أجحف بنا! فقال: من الذي ضرب عليكم الخراج ووضعه؟ قال: هو عمر بن الخطّاب رضي الله عنه! فقال: ما كنت لأنقض ما أبرمه عمر بن الخطّاب! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين! إنما ضربه علينا عمر لأنّ الذهب كان مكسورا وكسوديا وزيفا وتبرا وحمريّة وأمّا بعدما فعل الحجّاج بن يوسف بالذهب ما قد علم أمير المؤمنين من تخليصه إياه بالسبك! فقال المهتدي لعامله: خذ منهم الذهب بقيمة الذي كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يأخذه منهم. فقال العامل: يا أمير المؤمنين! يبلغ النقص إلى ثماني ألف ألف دينار فيجحف بيت المال! فقال: خذ الحقّ ولو لم تبق في بيت المال حبّة!
روى بشير قال؛ قدمت على المهتدي فتحادثنا في أمر الآخرة إلى الليل فأتي بطبق من خوص عليه أقراص من شعير وملح جريش وقليل من لبن فأكل اللقمتين ثم رفع يده؛ فقلت: يا أمير المؤمنين! أنت صائم تكابد الهواجر والجلوس للمظالم وهذا أكلك! فما الذي حملك على ذلك؟! فقال: احتسابا لله واقتداء بعمر بن الخطّاب. وكان مخشوشنا في اللباس يلبس الشعر ويأكل الشعير رحمة الله عليه.
ذكر سنة ست وخمسين ومائتين
(٢١٨) النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع واثنان وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.