وفيها ولد سعيد بن المسيّب، وفيها كانت وقعة القادسيّة، كما يأتى ذكرها بعد ذلك إن شاء الله تعالى، وفيها كان فتح الأردنّ ودمشق وحمص.
ذكر فتح دمشق وحمص وما معهما ملخّصا
وذلك أنّ الأمير كان على العساكر خالد بن الوليد رضى الله عنه طول خلافة أبى بكر رحمه الله وأرضى عنه، فلمّا ولى الأمر عمر بن الخطّاب رضى الله عنه قال: والله لأعزلنّ خالد بن الوليد، والمثنّى بن حارثة، ليعلما أنّ الله عزّ وجلّ هو الناصر لدينه، فعزلهما، وعزل خالد بأبى عبيدة، فجاءه الكتاب وهما فى حصار دمشق، فكتمه أبو عبيدة رضى الله عنه ولم يطلع عليه خالدا، وبقى خالد يصلّى بالناس على حاله، ولمّا علم خالد ذلك قال لأبى عبيدة: كيف لم تعلمنى بولايتك وأنت تصلّى خلفى، والسلطان سلطانك؟ فقال أبو عبيدة: ما السلطان أردت، وكلّ ما ترى إلى زوال، ونحن إخوان فأيّنا ولّى عليه أخوه لم يضرّه فى دينه ولا دنياه، بل المولى يكون أقربهما إلى الفتنة، وأوقعهما فى الخطيئة، إلاّ من عصم الله.
وكان أبو عبيدة منازل دمشق من باب الجابية، وخالد من باب شرقى، وكان الروم أبو عبيدة أحبّ إليهم من خالد رضى الله عنهما، للينه، ولما بلغهم أنّه أقدم هجرة وإسلاما، وفتح لأبى عبيدة باب الجابية فدخل صلحا، وخالد على الباب الشرقى ليس عنده خبر، فولج دمشق عنوة، وأراد سبيهم، فمنعه أبو عبيدة، وقال: قد أمّنتهم، وفتحت منتصف رجب سنة أربع عشرة، لثلاثة عشر شهرا من خلافة عمر، وهو الصحيح.