ووافق دخول عمرو الإسكندريّة عيدا فيها عظيما، يجتمع فيه سائر ملوكهم، وأبناء ملوكهم، وأشرافهم، ولهم [أكرة](١) من ذهب مكلّلة، يترامى بها ملوكهم، ويتلقونها بأكمامهم، فمن وقعت تلك الأكرة فى كمّه واستقرّت فيه لم يمت حتى يملكهم، فلما قدم عمرو أحضره الشمّاس معه للفرجة فى ذلك المجلس، ورمى بتلك الأكرة، فأقبلت تهوى حتى وقعت فى كمّ عمرو، فعجبوا من ذلك، وقالوا: ما كذبتنا أكرتنا قطّ إلاّ هذه المرّة: أترى هذا الأعرابى يملكنا؟ هذا ما لا يكون أبدا.
ثم إنّ ذلك الشمّاس وفى لعمرو بما قال له، وأعطاه ألف دينار، وأكرمه، وسيّره مع من وصله إلى أصحابه، فوفى أيضا عمرو لأصحابه، وشاطرهم المال كما ذكر، قال عمرو: فكان ذلك أوّل مال عقدته وملكته، وهذا سببه، والله أعلم.
ذكر فتح مصر على يد عمرو بن العاص
رضى الله عنه
قال (٢): حدّثنا عثمان بن صالح، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن [عبيد الله](٣) ابن أبى جعفر، وعيّاش بن عبّاس [القتبانى](٤)، وغيرهما، يزيد بعضهم على بعض، قال: لمّا قدم عمر بن الخطّاب رضى الله عنه الجابية قام إليه عمرو ابن العاص، فخلا به، فقال:(١٧٠) يا أمير المؤمنين، ائذن لى أن أسير إلى مصر،