قال الخادم: إني تسلّلت عليه حتّى قمت من خلفه ولم يشعر لغلبة الفكر عليه! فقال الرشيد: إرجع إليه فسله عمّا هو فيه فسيقول لك إني أفكّر في إجازة هذا البيت فقل (من مجزوء الكامل):
قال ابن حمزة يا بنيّ ... هزلت مجترئا فمه
فانطلق الخادم إليه فقال له ذلك فكان منه من القول بعد أن أفكر والتفت إلى الخادم وقال: يا فلان! قد علمت أنك رسول ولولا ذلك لم تنج مني! فرجع الخادم إلى الرشيد فأخبره فقال له: نجوت! ثم إنّ الرشيد أخبر الكسائيّ بالحديث وقال له: من أين علم عبد الله أنّ الخادم رسول؟ قال: لا أدري. فقال الرشيد: علمه من قوله: «هزلت مجترئا فمه» إذ كان الخادم لا يقدر على مخاطبته بذلك إلاّ مأمورا. ومن محاسن أجوبته وهو طفل أنه كان في ذات وقت ضعيفا في جسده فسأله الرشيد: ما سورتك يا بنيّ؟ فقال: ما بين عمّ وعبس ولم يتفاءل بالنازعات. وقال له ذات يوم وبيده مساويك: ما بيدك يا عبد الله؟ فقال: محاسنك يا أمير المؤمنين!.وكان بيده قضبان خيزران فقال له الرشيد:
ما هؤلاء؟ قال: عروق القنا يا أمير المؤمنين! <إجلالا لأمّ الرشيد>.
(١٤٨) ذكر سنة مائتين هجرية
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم خمسة أذرع وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وسبعة عشر إصبعا.