للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فى ذكر خلق السموات والآثار العلويّات

قلت: رأيت كثير من أرباب التواريخ يقدّمون ذكر خلق الأرضين وتأمّلت (٢٨) ذلك فلم أجد لهم دليلا على ذلك، ونظرت فإذا القرآن العظيم جميع آياته الشريفة تتضمّن تقدمة السموات على الأرض كقوله تعالى: {لِلّهِ ما فِي السَّماااتِ وَما فِي الْأَرْضِ»} (١)، وأنضارها (٢) فى جميع الكتاب العزيز، فاقتديت بذلك وابتدأت (٣)

بذكر خلق السموات والآثار العلويّات

قلت: أظهر الله تعالى فى السماء دلائل على ربوبيّته ووسائل إلى قدرته، منها:

أنّه جعلها سقفا مرفوعا لتكون ظلاّ، ومنها أنّها بغير عمد تحتها ولا علاقة من فوقها ومنها سمتها والنفع بزيادة التصرّف فيها وكونها نزهة للناظرين، ومنها استواؤها ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت فأرجع البصر كرتين بالنظر والاستدلال وقيل بالنزهة والاعتبار، ومنها لونها الذى لا يتغيّر على مرور الزمان وتقلّب الحدثان ثم هو أحسن الألوان وأقوى للبصر وأحدّ للنظر، والأطبّاء إنّما يأمرون بإدمان النظر إلى الخضرة ليقوى البصر.

وقيل: هى بيضاء، ولكن من بعدها ترى كذلك، وقيل إنّها خضراء.

ومنها: إمساكها بيد القدرة، إنّ الله يمسك السموات والأرض أن تزولا، ومنها أنّها ظلّ لبنى آدم لقوله تعالى: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ»} (٤)، ومنها أنّ الخلق يضعون الأساس أوّلا ثم السقف بعد ذلك، والله تعالى أفعاله خلاف أفعال العباد،


(١) القرآن الكريم ٤/ ١٧٠
(٢) أنضارها: أنظارها
(٣) مأخوذ من مرآة الزمان ٤١ آ،١٢
(٤) القرآن الكريم ٥٢/ ٥