للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: كذبت، وجهجه به، فذهب ثم عاد وفى يده نقبة خلق وضرة، كانت أمّه تمتهن فيها، ثم قصد والده من قبل ظهره فلم يشعر به حتى قام على القوم، فنشر تلك النقبة، وقال لأبيه: تقول لك أمّى: تعال، وهذه النّقبة أمارة، فرمى القوم يأبصارهم، وكاد العاص بن وائل يتميّز غضبا، فتناول من ولده النّقبة، واحتضنه، وأتى به منزله، وانحنى على المرأة ضربا، وجعلت تستوقفه وتستصيبه (١)، وقد أخذ الغضب ببصره وسمعه، حتى إذا أثخنها ضربا وسكن غضبه جلس وقد خامره الندم على ما كان منه إليها، فقالت: والله ما لى ذنب إليك، وما أحسبنى ذهبت إلاّ من قبل ولدك، فإنّى ضربته أمس، فقال:

ويحك، ألم تنفذيه إلىّ (١٦٣) بالنّقبة أمارة؟ فقالت: ما فعلت وربّ البيت! فقال لابنه: ألم تقل ذلك؟ فقال: إنّها ضربتنى بالأمس فقال: أشهد أنّك أدهى العرب، ثم قال لأمّه: لا تعرضى له بعد.

[تفسير كلم من هذا الحديث]

قوله: عند ما دبّ، الدّبيب أضعف المشى، وهو أوّل مشى الطفل، ومشى الشيخ الهرم، وقوله: نادى قومه، أى مجلسهم، والنادى اسم المجلس ما دام المتجالسون به، وقوله: قاذورة أى متقززا، وقوله: فتأفّف أى قال أفّ أفّ، وقوله: سحابة يومه، أى جميع يومه، هذا كلام العرب؛ يقولون: ما رأيت فلانا سحابة يومى، أى فى جميع يومى، وقوله: جهجه به: أى نفّره وشرّده ومنعه الاستقرار، والجهجهة فى الأصل حكاية قول القائل: جه جه جه، وقوله: