الخليفة هارون الرشيد بالله بن محمد المهدي بالله. وعمّال مصر بحالهم. وعزل القاضي <ابن> مسروق وولّى عبد الرحمن بن عبد الله بن المجبر بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
فيها تزايد الحال بالرشيد لترادف الإغراء على البرامكة. وعن محمد بن حازم قال؛ دخلت على الرشيد بالله ذات يوم وهو خلو فقدّم بين يديه لوزينج فأمرني فتقدّمت للمؤاكلة فبينا هو في مدة لقمة من ذلك اللوزينج إذ تنفّس تنفّسا صبعا، ولقوّة تنفّسه سقطت اللقمة مد يده فقلت: أعاذ الله أمير المؤمنين من كلّ مكروه! ووقاه كلّ سوء، وجعلني فداه من كلّ ما يخشاه! والله لقد قطّعت كبدي لهذا النفس فما موجبه؟ وأنت أنت! فقال: يا محمد! تكتم؟ فقلت؛ أعيذ أمير المؤمنين بالله أن يظنّ في عبده وربيب نعمته إفشاء سرّه، لا كان ذلك أبدا (١٠٩) ولو بضعت بضعا! فقال: يا محمد! قد تلفت لما أجد من جعفر بن يحيى وأكاتمه منذ سنتين، وقد أخذ الحقد بي حدّه! فقلت: الله الله يا أمير المؤمنين! ومن جعفر؟ إن هو إلاّ عبد أنعمنا عليه فقال: دع بنا هذا الكلام، واضرب بنا في غيره! فتحادثنا ساعة ثم انصرفت إلى منزلي فلم أشعر إلاّ برسول جعفر يستدعيني إليه فأتيته في منزله فلقاني من معبر الدار واحتضنني وقال: جزاك الله يا أبا عبد الله عن محاضرتك خيرا! فقلت: وما ذاك أيها الوزير؟ فقصّ عليّ المجلس الذي كنت فيه مع الرشيد حتّى لم يخلّ بحرف منه-ولم أعلم-والله-كان بيني وبين الرشيد في ذلك الحديث ماكث إلاّ الله عزّ وجلّ؛ قال؛ فأنكرت ذلك وحلفت عليه أيمانا مغلّظة يلزمني فيها كلّ شيئ من كفّارة وعتق خوفا على نفسي ونعمتي وأهلي من الرشيد! هذا وأنا قد غاب صوابي وذهل عقلي! فقال: خفّف عليك يا أبا عبد الله، فأنت صادق! ثم أمر لي بعشرة