فلمّا انتهى إليه الكتاب عرف وجه الأمر، فتنجّز وتجهّز لغزو الفرس وجمع من الجيوش ما لم يجتمع مثله لملك. وبلغ ذلك بهرام، فانتخب له ذوي البأس والنجدة من الفرس، فلقيه بهم. فلم تغن عن خاقان جيوشه، وفضحه بهرام واستباح عسكره. وهذا كان سبب حرب التّرك للفرس، والله أعلم.
قلت: قد تقدّم الكلام في أنّ الفرس ملّكوا شابور، ذو الأكتاف، وهو في بطن أمّه. ولم نشرح الحال في ذلك. فاقتضى الحال أن نذكر من ذلك طرفا منه يردّ تشوّق النفس عن مطلوبها لذلك.
<ذكر شابور ذي الأكتاف>
زعم الفرس أنّ شابور، ذا الأكتاف، عزي إليه الملك وهو في بطن أمّه جنينا. وذلك أنّ أباه هرمز كان حسن السيرة فيهم، عدل القضيّة بينهم، متحنّنا عليهم. فلمّا هلك ولم يخلّف ولدا ينهض بأمور الملك، شقّ عليهم ذلك. فدخل على نسائه موبدان موبد، فقال: هل تحسّ منكم امرأة بحمل؟ فذكرت إحداهنّ أنّها تحسّ حملا. فقال لها: إنّ المرأة تفطن