عروة بن الورد! قال: فارتدع. ثم قال: ما لك ويلك! لست أشكّ أنّك سمعت ما كان من أمّي! قال: نعم! فاذهب أنت وأمّك وهذه الإبل ودع الرجل لحاله فإنه ليس لك بشيء! قال: الذي بقي من عمر الشيخ قليل وأنا مقيم معه ما بقي فإنّ له حقا وذماما فإذا هلك فما أسرعني إليك. وخذ من هذه الإبل بعيرا! قال: لا يكفيني إنّ معي أصحابا قد خلّفتهم ذا جهد. قال: فاثنان. قال:
لا! قال: فثالث-والله لازدتك على ذلك! فأخذها ومضى إلى أصحابه. ثم إنّ الغلام لحق بعروة بعد هلاك الشيخ.
فقال ثمامة: والله يا أمير المؤمنين لقد زيّنته عندنا وعظّمته في قلوبنا.
قال: فهل أعقب عندكم؟ قال ثمامة فقلت: لا والله! ولقد كنا نتشاءم بأبيه لأنّه هو الذي أوقع الحرب بين عبس وفزارة بمراهنته حذيفة بن بدر. ولقد كان له ابن أسنّ من عروة فكان يؤثره على عروة فيما يعطيه، ويقوّيه دونه. فقيل له:
أتؤثره على عروة فيما تعطيه مع غنائه عنك وهو الأكبر على الأصغر مع ضعفه؟! قال: أترون هذا الأصغر مع ضعفه! لئن بقي مع ما أرى من شدّة نفسه ليصيرن الأكبر عيالا عليه.
ذكر سنة خمس وأربعين ومائة
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم ذراعان وثمانية أصابع. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعا وأربعة أصابع (٢٩).
الخليفة المنصور عبد الله بن محمّد بن علي. ويزيد بن حاتم المهلّبي على مصر حربها وخراجها. والقاضي خزيمة بحاله؛ وكان محمودا لا يأخذ ليوم الجمعة رزقا، ولا يوم يتشاغل فيه عن أمور الناس.
روي أنّه دخل على المنصور خالد بن كلثوم فقال له المنصور: يا خالد!