ثم خمدت أحوال القرامطة إلى أن تحرك أبو طاهر بن أبى سعيد الجنّابى لعنه الله وعمل على أخذ البصرة. وذلك فى سنة عشر وثلاث مئة، فعمل سلالم عراضا يصعد على كل مرقاة اثنان بزرافين إذا احتيج إلى نصبها، وتخلع إذا أريد خلعها، ثم وافى البصرة ليلا. فأخرجت الأسنة من زبل كانت فيها بحيث لا تصدأ، وركّبت على الرماح، وفرّقها على أصحابه، وحشيت غرائر بالرمل، وحملت على الجمال، وأشياء من حديد قد أعدّت لذلك. وساروا إلى السور قبل الفجر. فوضعوا السلالم، وصعد عليها قوم من جلداء أصحابه. فقتلوا سائر من تكلّم.
ودفع إلى آخرين ما يكسرون به الأقفال، وفتحوا الأبواب. ودخل جيشهم. فأول ما عملوا طرحوا ذلك الرمل الذى كان على الجمال فى الأبواب نحو ذراع ليمنعوا غلقها، وكان الأمير على البصرة يوم ذلك شبل المفلحى. فركب مذعورا فى بعض غلمانه. فقتلوه من وقته وساعته. وفزع الناس وركبت الخيل. وكانت العامة قد منعها السلطان من حمل السلاح فاجتمعوا بالآجرّ. وحضر ابن شبل واجتمع عليه الناس. ووقعت الحرب فأصابت القرامطة جراحات. والقتل فى العامة كثير جدا. ولم يزل الأمر كذلك إلى آخر النهار (ص ٦٤) ثم