وقال آخرون: هذه الأنهار تخرج من أنهار تتكاتف وتذيبها الحرارة، فتسيل إلى هذه الأنهار وتسقي من عليها، لما يريد الله تعالى من تدبير خلقه.
[أخبار الوليد بن دومغ]
قالوا: إنّ الوليد بن عمليق لمّا بلغ إلى جبل القمر رأى جبلا عاليا، فأعمل الحيلة إلى أن صعد عليه ليرا ما خلفه، فأشرف على البحر الأسود الزّفتيّ المنتن، ونظر إلى النيل يجري عليه كالأنهار الرقاق، وأنّه أتته من تلك النواحي روائح منتنة حتّى أهلكت كثير من أصحابه، فأسرع النزول بعد أن كاد يهلك.
وذكروا قوما أنّهم لم يروا هناك شمسا ولا قمرا إلاّ نورا لا يعلمون ما هو. وزعموا أنّ الوليد أقام في غيبته هذه سبعين سنة وأنّ عونا غلامه، بعد مضيّ سبع سنين من مسير الوليد، ادّعا الملك، وأنكر أن يكون غلاما للوليد، وأنّه أخوه من دومغ، ووثب على الناس وغلب عليهم بالسّحر.
فإنّهم أطاعوه، واستباح نساءهم، ولم يترك امرأة من نساء ملوك مصر حتّى نكحها، ولا مالا إلاّ أخذه وبقتل صاحبه. وكان مع ذلك يكرّم الهياكل