عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: سألت عائشة رضى الله عنها عن خلقه صلّى الله عليه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، وكان لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلاّ أن تنتهك حرمات الله عزّ وجلّ فيكون لله ينتقم، وإذا غضب لم يقم لغضبه أحد، وكان أشجع الناس وأجرأهم صدرا.
قال علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه: كنّا إذا اشتدّ البأس اتقينا برسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وكان أسخى الناس وأجودهم، ما سئل قطّ شيئا فقال لا، وأجود ما كان فى شهر رمضان، وكان لا يبيت فى بيته دينار ولا درهم، فإن فضل ولم يجد من يعطيه وفجأه الليل لم يأو إلى منزله حتى يبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ ممّا آتاه الله إلاّ قوت أهله عاما فقط من أيسر ما يجد من التمر والشعير، ويضع سائر ذلك فى سبيل الله، ولا يدّخر لنفسه شيئا، ثمّ يؤثر (١) من قوت أهله حتّى ربّما احتاج قبل انقضاء العام.
وكان أصدق الناس لهجة، وأوفاهم بذمّة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، محقود محسود، لا عابس ولا مفند، فخما مفخّما (٢)، وكان أحلم الناس، وأشدّ حياء من العذراء فى خدرها، لا يثبّت بصره فى وجه أحد، خافض لطرفه، نظره إلى الأرض (٧٠) أطول من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة.
وكان أكثر الناس تواضعا، يجيب من دعاه من غنىّ أو فقير، أو شريف أو دنئ، أو حرّ أو عبد، يصفّى الإناء للهرّة فما يرفعه حتى تروى رحمة لها، ويسمع بكاء الصغير وهو مع أمّه فى الصلاة فيخفّف رحمة لها.