للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوام فتّان، كقضيب البان، فأمّا الذى شبّهنى بأذناب الثعالب، فإنّه أبعد ولم يقارب، فمن أين لتلك الأذناب القباح أرجى الفيّاح، الذى إليه كلّ النفوس ترتاح، وهو هذا البيت الفذّ، الذى ظنّ قائله أنّه ليس له ندّ (من الكامل):

والبان شبه ثعالب ... مكسوحة قد كشّفت أذنابها

وأمّا التشبيه المنصف، فقول المصنّف: (٢)

كأنّ البان والتوت تشابها ... فى رؤية العين لا فى المخبر

فهذا لنا ريحه عطرا ... وذاك لنا طعمه كالسكر

(٢٦٢) وقوله: (٣)

انظر إلى البان فى دوحه مائسا ... تميله الأرواح فى جنّة الخلد

شبّهته لمّا انثنى فى رياضه ... قوام قدّك فى أغصانه الملد

[الأقحوان]

فقطع عليه الأقحوان وصاح: أين أنت يا صاح عن الإقاح، ذى الأرج الفيّاح، وزين الرّبى والبطاح، المتشبّه به ثغور الملاح، فلولا نقاء الثغور لم يكن حسن مذكور، فالثغور غاية الأمل، ومحلّ اللثم والقبل، فأنا التشبيه بالشعراء، وفى وصفى بالثغو أكثرت الشعراء، وكلّ لقوله انتصر، فمنهم من أجاد ومنهم من قصر، وأجمع أهل المعانى، أنّه لم يقل كهذين البيتين للنابغة الذبيانى (من الكامل): (١)

تجلوا بقادمنى حمامة أيكة ... بردا أسفّ لثاته بالإثمد

كالأقحوان غداة غبّ سمائه ... جفّت أعاليه وأسفله ندى


(١) ديوان نابغة ٩٤
(٢) مضطرب الوزن
(٣) مضطرب الوزن