برمك. وكان بين آل برمك وآل الربيع بن زياد منافسات وهنات على الرئاسة فسعوا بذلك إلى أن بلّغوه مسامع الرشيد. وكان مما يريده الله تعالى من نفاذ أمره أن حصل في ذلك اليوم من سائر الناس السهو عن أن يذكروا الخليفة الرشيد لا في خطبة ولا في مديح ولا في دعاء! فلمّا بلغ الرشيد ذلك من لسان واش وعدوّ حاسد بقي في نفس الرشيد وأخفاه ولم يظهره. ثم إنه بعد أيام وقعت للرشيد رقعة بين القصص فيها مكتوب (من السريع):
قل لأمين الله في خلقه ... ومن إليه الحلّ والعقد
هذا ابن يحيى جعفر قد غدا مالكا ... مثلك ما بينكما حدّ
أمرك مردود إلى أمره ... وأمره ليس له ردّ
ساواك في الملك فأبوابه ... آهلة يعمرها الوفد
(١٠٨) وقد بنى الدار التي مالها ... في الأرض لا شبه ولا ندّ
ما بنت الروم شبيها لها ... كلاّ ولا الفرس ولا الهند
الدرّ والياقوت حصباؤها ... وتربها العنبر والندّ
وجدّك المنصور لو حلّها ... لما اطّباه قصره الخلد
وما يباهي العبد أربابه ... إلاّ إذا ما بطر العبد
قال؛ فجعل الرشيد ينظر إليها في كلّ وقت ويرفعها حتّى أوقع بهم في سنة سبع وثمانين ومائة حسبما يأتي إن شاء الله.
ذكر سنة خمس وثمانين ومائة
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم ثلاثة أذرع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وتسعة أصابع.