وفيها وصل رسول التتار إلى ميّافارقين، إلى عند المظفر غازى، وقال الرسول له:
«قد جعلك القان سلحداره، وأمرك أن تخرب أسوار بلادك جميعها». وعلى يد الرسول كتاب من جكزخان عنوانه يقول:«من نائب رب السماء، ماسح وجه الأرض، ملك الشرق والغرب، طولا وعرض، قاقان». فقال المظفر غازى:
«أنا من جملة الملوك، وبلادى حقيرة بالنسبة إلى الروم والشام ومصر، فتوجه إليهم، ومهما فعلوه أنا موافق». وكان هذا الرسول شيخا لطيفا من أهل أصبهان.
[ذكر عجائب مما ذكر رسول التتار]
منها أنه قال أن بالقرب من بلاد القان يأجوج ومأجوج، وهم صور مختلفة، ربما رأوا منهم جماعة على أعلى السد مرارا. وقد تقدم ذكرهم فى هذا التاريخ فى عدة أماكن منه، مما يغنى عن تكرار القول فيهم ها هنا.
ومنها أن بجوارهم على البحر المحيط أقوام ليس لهم رءوس، وأعينهم وأفمامهم فى مناكبهم. وإذا رأوا الناس هربوا منهم، وعيشهم أكل السمك. وقد ذكرنا ذلك أيضا فى هذا التاريخ عند ما ذكرنا ملوك السامانية فى الجزء الرابع منه، وأصل هؤلاء القوم، واسمهم الذى يعرفون به، من أبيهم الأول، مما يغنى إعادته ها هنا.
ومنها أن فى تلك النواحى أناس يزرعون فى الأرض بزرا فيتولد منه الغنم، كما يتولد دود الحرير، وأن الخروف لا يعيش غير شهرين، مثل إقامة سائر النباتات فى الأرض، وأنها لا تتناسل.
ومنها أن بماء زيدان عين ماء، وهى بركة واسعة، تطلع فى كل ستة وثلاثين سنة، صفة خشبة غليظة، شبه المنارة العالية، فتقيم طول ذلك النهار إلى أن تغرب الشمس، فتغوص فى الماء، فلا تعود تظهر إلى مثل ذلك الحين [إلا] بعد ستة وثلاثين سنة.