للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر ما فى الدنيا من العجائب وفنون الغرائب

ذكر عجائب المشرق

(١) ذكر العلماء بأخبار العالم أنّ بالهند عجائب كثيرة، منها: هيكل عظيم من أعظم الهياكل يقال له بلاذرى مستدير الشكل له سبعة أبواب وفيه قبّة عظيمة شاهقة فى الهواء قائمة على سبعة أعمدة، وفى رأسها جوهرة بمقدار رأس الفحل يضئ بها جميع أقطار ذلك الهيكل، وإنّ جماعة من الملوك حاولوا أخذ تلك الجوهرة فما استطاعوا وهلكوا دون قصدهم، وكلّ من دنا منها خرّميّتا، وفيه صنم ذهب وزنه مائة ألف مثقال تزعم الهند أنّه نزل من السماء، يقصدونه من الآفاق، قلت: هذا ما ذكره ابن الجوزى فى تأريخه مراآة الزمان، وبالله العجب كيف يقول مثل هذا الكلام المناقض بعضه لبعض (٢) قد ذكر أنّ أحدا لا يستطيع الدنوّ من هذا المكان ومن قرب منه هلك فمن حرّر زنة هذا الصنم حتى إنّه <وجده> مائة ألف مثقال لا يزيد ولا ينقص.


(١) مأخوذ من مرآة الزمان ٣٣ ب،٦
(٢) بالهامش بخط غير خط المصنف: ليس فى كلام ابن الجوزى مناقضة لأنه يحتمل أنه أراد بقوله: كل من دنا منها خر ميتا يعنى كل من دنا منها بقصد أخذ الجوهرة أو إفساد شئ من أحوال المكان هلك، وهذا ظاهر لأن الأقدمين من الحكماء جميع ما استبنوه وبنوه وأحكموا أمره على أى وجه أرادوا جعلوه مطلسما من أراده بسوء هلك، وكون أن المصنف أنكر على ابن الجوزى فى قوله من حرر وزن هذا الصنم فهذا غير ممتنع من وجهتين: أحدهما إنه ممكن وزنه ولا يهلك لفاعل ذلك إذ الكون أنه ما قصد إفساده. والثانى أنه يمكن أن هذا الهيكل له تأريخ مذكور فى وزن هذا الصنم فإن مثل هذا الهيكل لا يهمل أمر ذكر ما نسبه والعجائب فيمكن أن أصحابه أثبتوا وزن الصنم فى نفس هذا الصنم أو فيما يقارنه من البناء أو فى كتاب متوارث عند أهل ذلك الزمان ولو علم المصنف هذا الاعتراض لما انفسد علينا غالب الأمور القديمة المذكورة فى الكتب، وابن الجوزى رحمه الله تعالى لا يعترض عليه فى مثل ذلك فإنه لو لم يكن من فضله إلا كتاب تأريخ مرآة الزمان فإن تسمية هذا الكتاب مما يحسد عليه، والله تعالى أعلم