للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركابه الشريف إلى ديار مصر المحروسة رسم أن يوسّطوا على حكم العدل وأخذ القصاص، ولم يكن لهم من الموت خلاص

ذكر القبض على بيبرس من الطريق

وعودته إلى الأبواب العالية

قد ذكرنا أنّ مولانا السلطان سيّر إلى بيبرس الأميرين بيبرس الدوادار وبهادر آص، وأن يأخذاه ويتوجّها به إلى قلعة صهيون. وكان مولانا السلطان قد رقّ له ورجع إلى لينه الشريف الطاهر. فلمّا وصلا إليه وهو بالصعيد وبلّغاه ذلك، وجدوه مصمّما (٨) على غير ما أرادوه منه ووجدوا مماليكه الغالبين على أمره. وقد حسّنوا له أن يضرب إلى عيذاب ويعدّى من هناك إلى الحجاز ويدخل اليمن. وجاه المرسوم بصهيون، فعاد متفرّق الآرا مقسّم الفكر. فلمّا رأوه مماليكه على ذلك أجمعوا رأيهم أن يقتلوه وينهبوا الخزاين التى معه، ويقصد كلّ أحد هواه. واطّلع بيبرس الدوادار على ما عزموا عليه. فاختشى العاقبة فخلا به، وقال: قد بلغنى كيت وكيت. وأنت ما يقتلك سوى هذا المال الذى معك. ونقتل نحن أيضا بك. والمصلحة تقتضى أن تعطينى هذا المال، أتوجّه به فى هذه الحرّاقة فى البحر، وأعيده إلى السلطان لنزيده رضى عليك، وينقطع طمع هؤلاء الصبيان الجهلة-. ولم يزل به حتى أنعم، فأخذ الأمير ركن الدين الدوادار المال، ونزل فى الحراقة سرّا فى الليل. فلم يصبح له أثر، وأحضر به إلى الأبواب العالية. فلمّا علموا المماليك أنّ المال فرط فيه الفرط، انقطع


(٨) مصمما: مصمم