للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم. فصادفوا منه لقنا فطنا متأنّيا (١٩٨) لما يريدونه منه. فلمّا بلغ من العمر اثنتي عشرة سنة استفاد جميع ما عند معلّميه كلّهم وفاقهم وأربى عليهم، حتّى اعترفوا بفضله وتقدّمه في علومهم. فأثابهم النّعمان وصرفهم عنه إلاّ حلسا، فإنّه ألزمه إيّاه لما كان اجتمع فيه من أشتات المعارف.

وأرسل النّعمان إلى يزدجرد يسأله أن يبعث إليه رجالا يعلّمونه الفروسيّة والرّماية وما يحتاج إليه <في> المحاربة، ففعل. وأفادوا بهرام ما عندهم من ذلك في ثلاثة أعوام. ثمّ قدم به النّعمان على أبيه وقد برعت خصاله، وله من السنّ خمسة عشر عاما. وهو أوّل من أخذ الملك بقوّة البدن وشجاعة النفس، وله من ذلك كلام مطوّل يقوم بجزء من الكتب، فأضربت عنه.

لكن نظرت إلى خبرين عجيبين أثبتوها له أرباب التاريخ. فمن شغفي بهما أثبتهما أيضا في هذا التاريخ، إذ الشرط أن نحن لا نذكر في هذا الكتاب إلاّ السمين دون الغثّ.

<ذكر الخبر الأوّل عن بهرام جور>

الأوّل: أنّه لمّا استقرّ الملك له وأقرّ عيون رعيّته بلطف سيرته وحسن نظره وبركة سياسته وعموم رأفته، احتجب عنهم ووسّط بينه وبينهم أفضل وزرائه، ولبث بذلك برهة حتّى ألفت الرّعيّة احتجابه، ثمّ خرج عن بلاده